لم يقتصر هدف أنطون دي كوم عندما ألف كتابه "كنا عبيدا في سورينام". والذي أصبح كتابًا كلاسيكيا وانتشر في كل أرجاء العالم، على التخلص من أغلال الحكم الهولندي في بلده سورينام، فقد عبر عن هدفه الأوسع وقناعته قائلا: "لا يمكن لأي شعب بلوغ مرحلة النضج الكامل طالما ظل مثقلا بإحساس موروث بالدونية".
إن الإحساس بالدونية، والانبهار بالمنتصر، وعقدة الخواجة"، لا تقل في تأثيرها المدمر على الشعوب من أسلحة المحتل الحربية الفتاكة، فمن خلال التجويع والتخويف، وشق الصف، ومحاولات كسر الإرادة يعمل المحتل على السيطرة على الشعوب التي يمتص دماءها وثرواتها لذلك فإن مقاومة الاحتلال، سواء كان عسكريا، أو اقتصاديًا، يجب أن تبدأ بالتخلص من الشعور بالدونية.
يطوف بنا هذا الكتاب الرائع بين جنبات سورينام بلد متعدد الديانات والأعراق واللغات في شمال أمريكا الجنوبية، كان يرزح تحت وطأة الاحتلال الهولندي، حيث نسمع بين سطوره أصوات أنين المعذبين، ولكن أيضا أصوات نضالهم في مواجهة الظلم.
أنطون دي كوم: ولد في سورينام عام 1898، وكان أبوه منقبا عن الذهب ووالدته مزارعة بسيطة، وتم نفيه إلى هولندا بسبب نضاله ضد الاستعمار وعمل هناك ككاتب وصحفي كما واصل نشاطه السياسي. أثار كتابه الذي بين أيدينا ضجة كبيرة، رغم أن طبعته الأولى تعرضت للحذف بواسطة الرقابة، ومنع توزيعه نهائيا في سورينام والمستعمرات الهولندية الأخرى. عام 1940 انضم دي كوم إلى المقاومة الهولندية ضد نظام الاحتلال النازي وبعدها قبض عليه وتوفي في معسكرات الاعتقال النازية عام 1945.