في هذا العمل الشيق يمزج عمرو عادلي بين تخصصه الأكاديمي في العلوم السياسية والاقتصاد السياسي وبين شغفه بالتاريخ والتاريخ الوسيط تحديدًا، فيقدم لنا تعليقا على نص يعود لأكثر من ألف سنة كتبه يوحنا (أو يحيى بن سعيد الأنطاكي، المتوفى في ٤٥٨هـ / ١٠٦٦م، والذي كان بطريكا للإسكندرية منتميا لطائفة الملكيين أو الملكانيين المعروفين اليوم بالروم الأرثوذكس. وإذا كان نص الأنطاكي مشوقا لتناوله تاريخ مصر إبان عصر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله بكل ما حفل به هذا العصر من سلوكيات عجيبة وغريبة، فتعليق عمرو عادلي لا .. يقل تشويقا وإمتاعًا. فالسلطة والدين والعنف من ألف سنة يتجاوز كونه حاشية على نص الأنطاكي، فهو يقدم لنا تأملات في معنى الدولة والأسرة والدين والعنف في العصور ما قبل الحديثة، منطلقا من أسئلة نسألها يوميا عن هذه المفاهيم لمطالعة تجارب أسلافنا عنها. وإذ بنا، ونحن نطوف مع عمرو عادلي في تأملاته تلك نستطلع الخريطة الذهنية لعصر الأنطاكي، ونتعرف على مفاهيم ذلك العصر. وإضافة لتتبع أخبار الخاصة من ملوك وحكام وأباطرة وباباوات في المثلث المحصور بين بغداد حاضرة العباسيين والقاهرة مركز الفاطميين والقسطنطينية عاصمة البيزنطيين ينقلنا عمرو عادلي في قراءته السوسيولوجية لأذهان العامة
